التعريف بتخصص علم المكتبات

التعريف بتخصص علم المكتبات


مقدمة :
قبل أن نتكلم في تفاصيل التكوين في تخصص علم المكتبات لابد من الإشارة والحديث عن هذا التخصص والتعريف به .ولذلك سوف أتعرض في هذه الدراسة إلى التعريف بعلم المكتبات ، أهدافه ، وموضوعاته ومختلف المصطلحات التي تميزه ، وعرض مختلف التطورات التي طرأت عليه والتي شهدها خلال ما يزيدعن قرن ونصف من زمن التأسيس لهذا العلم بالرغم من أن جذوره ممتدة في أعماق التاريخ ، كما أن تحديد علاقة تخصص علم المكتبات والعلوم الوثائقية بالتخصصات الأخرى وتوضيح الروابط التي تجمع بينهم يزيل كثيرا من الغموض الذي يحيط بهوية التخصص ويحدد مكانته بين التخصصات الأخرى .

1-موضوع التخصص: لكي ينال أي تخصص أو فرع من فروع المعرفة الاعتراف العلمي والأكاديمي والمهني والاجتماعي فلا بد له من أن يحدد موضوع دراسته وجوهره واهتمامه بدقة وبوضوح تمنع أي خلط أو تداخل مع أي تخصص أو فرع آخر، وموضوع تخصص المكتبات والمعلومات هو“ضبط أوعية المعلومات باقتنائها وتنظيمها وإتاحتها للاستخدام من أقدم أشكالها من الألواح الطينية وقطع الحجارة والجلود والعظام وأخشاب الأشجار وأوراق البردي، وحتى أحدثها بكل ألوانها المرئية والمسموعة،ومرورا بأوعية المعلومات الورقية بكافة أشكالها.وأوعية المعلومات التي يعتني بها التخصص هي الوسائط التي سجلت أفكار وتجارب وخبرات الجنس البشري، وهي أيضا رصيده وزاده الحضاري التي تحمل معلومات الأمس واليوم المسجلة”."وأوعية المعلومات التي تشكل موضوع تخصص المكتبات والمعلومات بدأت في الظهور منذ آلاف السنوات بعد أن”أصبح من الصعب على ذاكرة الفرد أن يختزن ويضبط كل ما يصل إليه من خبرات السابقين في ذاكرته الداخلية ، وخشي من أن ينسى هذه الخبرات المكتسبة فاحتاج إلى وسيط يسجل عليه هذه الخبرات ، وبهذا بدأت تظهر الذاكرة الخارجيةوعلى ذلك فان تخصص المكتبات والمعلومات إنما هو التخصص الذي يعتني بأوعية المعلومات من حيث الضبط والاختيار والاقتناء والتنظيم والاسترجاع،وهذه الأوعية تحمل المعلومات التي تشكل الذاكرة الخارجية للجنس البشري، وتحتفظ بها المكتبات ومراكز المعلومات".


2-التعريف بالتخصص : هناك العديد من التعريفات لعلم المكتبات تصب كلها في معنى واحد ، لعل أول تعريف له هو الذي تقدم به معهد جورجيا للتكنولوجيا بالولايات المتحدة والذي انتهى إليه من خلال عقد مؤتمرين في أكتوبر 1961 و أفريل 1962 ، وقد أشارت عدة مصادر لهذا التعريف حيث جاء فيه أن : " “علم المعلومات” : ” هو العلم الذي يدرس خواص المعلومات وسلوكها، والعوامل التي تحكم تدفقها ، ووسائل تجهيزها لتيسير الإفادة منها إلى أقصى حد ممكن .وتشمل أنشطة تجهيز إنتاج المعلومات وبثها وتجميعها وتنظيمها واختزانها واسترجاعها وتفسيرها واستخدامها”.وقد وضع الدكتور أحمد بدر بعض التعاريف سماها بالتعاريف المفهومية:- علم المعلومات هو علم توحيد المعرفة والتحكم في المعلومات.- علم المعلومات هو علم تنظيم المعلومات وتوصيلها.- علم المعلومات هو علم رابط وسيط بين العلوم المختلفة- علم المعلومات هو علم التحكم في العلم.

3-وظائف التخصص : إن كل المكتبات ومراكز المعلومات تمارس ثلاث وظائف أساسية بصرف النظر عن حجمها أو نوعها أو شكل أوعية المعلومات التي تختزنها ، والوظائف الثلاثة كما صنفها الدكتور أسامة السيد محمود هي:أ/ اختيار أو اقتناء الأوعية طبقا لسياسة واضحة تضعها كل مؤسسة بعد دراسة طلبات المستفيدين وعلى ضوء الإمكانيات المتاحة لها.ب/ تحليل الأوعية التي تقتنيها، وتنظيمها وحفظها طبقا لمجموعة من القواعد والمعايير والتقنيات لكي يسهل استرجاعها بما تتضمنه من معلومات بعد ذلك. وهي الوظيفة الأساسية لكل عمل مكتبة أو مركز معلومات لأنه لولا عملية التحليل والتنظيم لما استطاع أحد الوصول إلى هذه الأوعية ومعلوماتها.ج/ استرجاع الأوعية وبث المعلومات طبقا لمتطلبات المستفيدين التي ترد في شكل استفسارات وطلبات للمعلومات،وتقديمها إليهم في صورة عدد من الخدمات .

4- مصطلحات التخصص : عرف تخصص علم المكتبات عدة مصطلحات نذكرها كالآتي : بدأ استعمال مصطلح ” علم المعلومات ” في بريطانيا سنة 1958 ،فقد استعمله أحد المتخصصين وهو جاسون فردان J. Farradane كما استعمله معهد علماء المعلومات Institute of information Scientists، الذي تأسس في لندن في عام 1958.في عام 1962، حل” علم المعلومات” محل التوثيق في الإنتاج الفكري، وخاصة في الدول الانجليزية ( ذات اللغة الانجليزية ) .

· تطورات مصطلحات علم المكتبات

اقتصاد المكتبات Library economy “” bibliothéconomie”في عام 1876، ظهر مصطلح “اقتصاد المكتبات : فن إعداد القوائم وأدوات التعريفبمفردات الإنتاج الفكري ، يقصد به ” التطبيق العملي لعلم المكتبات“. ثم حل محله مصطلح ” دراسة المكتباتLibrarianship:إدارة المكتبات، وبما أنه لم يكن المصطلح المناسب للدلالة على الأساليب والطرق المستحدثة ، بدأ البحث عن تسمية مناسبة.فكان مصطلح” علم المكتبات " الذي انفردبالدلالة على المجال بعد إطلاقه طوال الربع الأخير من القرن التاسع عشر والثلث الأول من القرن العشرين، باعتباره:” علم المعرفة والمهارة المتعلقة بإدارة المكتباتومحتوياتها ، واقتصادها و أعمالها الببليوغرافية

التوثيق:كان ظهور مصطلح التوثيق من قبل المحاميان البلجيكيان سنة1931 ، وهما بول أوتليه” Paul Otlet et Henri Lafontaineوهنري لافونتينعند تغيير اسم معهدهما إلى ” المعهد الدولي للتوثيق . ولم يحظ مصطلح “توثيق” بإجماع القبول من جانب المهتمين بتنظيم المعلومات، وخاصة في مجتمع الناطقين بالانجليزية .ويرجع ذلك ،في المقام الأول ،إلى أسباب لغوية,فقد كان دائما ينظر إلى هذا المصطلح على أنه فرنسي،وذلك لأنه انتقل من اللاتينية إلى الانجليزية عبر الفرنسية.هذا بالإضافة إلى أن استعمال هذا المصطلح بمعناه التخصصي الجديد كان سببا في الغموض واختلاط المفاهيم الجديدة والقديمة، فقد كان للمصطلح معانيه الأخرى في الانجليزية، والمرتبطة بالمفاهيم القانونية والتاريخية،ولم يكن الحال كذلك في الفرنسية. وقد حدث نفس الشيء عند ترجمة المصطلح الأوروبي إلى العربية، حيث كان لكلمة “توثيق” ارتباطاتها الدلالية في أوساط المؤرخين ورجال القانون ومحققي النصوص

علم المعلوماتفسحت هذه الخلافات المجال لاستعمال مصطلح ” علم المعلومات” في غضون الحرب العالمية الثانية ومنذ ذلك الحين وحتى بداية السبعينيات من القرن العشرين، كانت نشأة علم المعلومات، الذي يعنى بـ:” دراسة المعلومات والتقنيات الحديثة المستخدمة في التعامل معها ، بما يتضمن نشوءها وتطورها، وخصائصها، وتدفقها، وتدوينها ،وأنواع وأشكال مصادرها، وتنظيمها، واختزانها، واسترجاعها، واستخدامها، وتحليلها، وإتاحتها، وبثها، ووظائفها، وخدماتها، وإدارتها”.وجاء في مصدر آخر أن مصطلح” علم المعلومات” الذي حل محل مصطلح التوثيق إلى حد كبير استخدم لأول مرة في عام 1959 ولم يكن مستخدما قبل ذلك على الإطلاق لا في مؤتمرات أو أسماء مؤسسات أو أي إنتاج فكري.من خلال هذه التعاريف المقدمة وان تعلقت بمصطلحات مختلفة، يبدو أنها تحمل بين طياتها نفس المضمون، وهو ما يدعم وجهة النظر السائدة والتي تجد علاقة تكامل واحتواء وترابط بين هذه المصطلحات، لكن لا يفوتنا اثر ذلك أن نقول أن المصطلح الذي لجأت إلى استخدامه أكثر الدول تطورا في هذا الاختصاص ، لا بأس من أن نحذو حذوها باتخاذ مصطلح “علم المعلومات” عنوانا للتخصص في بلادنا أيضا ، خاصة وأن للتسمية أثر على نظرة المجتمع للتخصص، خاصة إذا علمناا أن “العلامة العربي “يوسف أسعد داغر” الذي أفرزت دعوته لإنشاء قسم علم المكتباتبالعالم العربي ، فتح أول قسم بمصر 1951، كان متأثرا إلى حد كبير بالاتجاهات الفرنسية التي تعنى بالوثائق التاريخية وعلوم الدبلوماتيك والأرشيف. ولقد ظل ذلك التأثير فترة ليست بالقصيرة ، كان من أهم نتائجه امتداد التأثير على معظم البرامج التي نشأت فيما بعد في الأقطار العربية التالية، وهي العراق، المملكة العربية السعودية، قطر، الكويت، الأردن سوريا ولبنان،وليبيا والجزائر، والتي اتصفت برامجها بنزعات تقليدية واضحة أكدتها عدد من الدراسات التي تناولت برامج تدريس علوم المكتباتبالوطن العربي

إرسال تعليق

0 تعليقات